للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأمَّلْ ما في ضمنِ هذه الأحكام الأربعة من حكمته تعالى وعدله وفضله، والردِّ على أهل الغرور والأطماع الكاذبة، وعلى أهل الجهل بالله وأسمائه وصفاته.

وقالت طائفة أخرى: المراد بالإنسان هاهنا: الحيُّ دون الميِّت (١). وهذا أيضًا من النَّمط الأول في الفساد. وهذا كلُّه من سوء التصرُّف في اللفظ العامّ. وصاحبُ هذا التصرُّف لا ينفد (٢) تصرّفُه في دلالاتِ الألفاظ وحَمْلِها على خلاف موضوعها [٨١ ب] وما يتبادر إلى الذهن منها. وهو تصرُّف فاسد قطعًا يُبطِله السياقُ، والاعتبارُ، وقواعدُ الشرع وأدلَّتُه وعرفُه. وسببُ هذا التصرف السيئ أن صاحبه يعتقد قولاً، ثم يردُّ كلَّ ما دلَّ على خلافه، بأي طريق اتَّفقت له. فالأدلّةُ المخالفة لما اعتقده عنده من باب الصائِل (٣)، لا يبالي بأيِّ شيء دفَعَه! وأدلَّةُ الحقِّ لا تتعارض ولا تتناقض، بل يصدِّق بعضُها بعضًا (٤).

وقالت طائفة أخرى، وهو جوابُ أبي الوفاء بن عَقيل (٥)، قال: الجوابُ الجيِّد عندي أن يقال: الإنسانُ (٦) بسعيه وحسن عِشرته اكتسب الأصدقاء، وأولَدَ الأولاد، ونكح الأزواج، وأسدى الخير، وتودَّد إلى الناس، فترحَّموا


(١) لم أقف على هذا القول.
(٢) ما عدا (ق): «ينفذ» بالذال المعجمة، تصحيف.
(٣) (ب، ط، ج): «دفع الصائل». وبعده: «بل لا يبالي». ولعلّ زيادة «دفع» جرّت إلى زيادة «بل».
(٤) في (ب، ط، ن، ج) زيادة: «ويؤيد بعضها بعضًا».
(٥) ذكر نحوه ابن الجوزي في زاد المسير (٧/ ٢٣١) بما حكاه شيخه ابن الزاغوني.
(٦) (أ، ق، غ): «للإنسان».