للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإقامة دينه، فترك قودَه لاجترائه على عزِّ الله وسلطانه الذي أعزَّ به رسولَه ودينَه وخليفتَه.

فهذا لون، والضربُ حميَّةً للنفس الأمَّارة لون.

فصل

والفرق بين سلامة القلب والبلَه والتغفُّل: أن سلامةَ القلب تكون من إرادة الشرِّ (١) بعد معرفتِه، فيسلَم قلبُه من إرادته وقصدِه، لا من معرفته والعلمِ به. وهذا بخلاف البلَه والغفلة، فإنها جهلٌ وقلّة معرفة. وهذا لا يُحمَد إذ هو نقص، وإنما يحمد الناسُ من هو كذلك لسلامتهم منه.

والكمالُ أن يكون القلب عارفًا بتفاصيل الشرِّ، سليمًا من إرادته. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لستُ بخَبٍّ ولا يخدعني الخَبُّ» (٢)، وكان عمر أعقلَ من أن يُخدَع، وأورعَ من أن يَخدع (٣).

وقال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}


(١) يعني كون القلب سليمًا من إرادة الشر. وكذا في جميع النسخ. وفي النسخ المطبوعة: «من عدم إرادة الشر». زادوا كلمة «عدم» دون تنبيه.
(٢) انظر: العقد (٢/ ٢٤١) وأدب الدنيا والدين (١٤). وقد نسب في البيان للجاحظ (١/ ١٠١) والحيوان (٢/ ٢٧٩)، والعقد (٣/ ١١) إلى إياس بن معاوية. وتكملة قوله: «ولا يخدع ابن سيرين، وهو يخدع أبي ويخدع الحسن». وفي تهذيب اللغة (٨/ ١٧) نسب إلى ابن سيرين.
(٣) هذا قول المغيرة عن عمر. انظر: العقد (٢/ ٢٤١)، (٣/ ١١) وأدب الدنيا والدين (١٤). وفيهما «أفضل» مكان «أورع».