للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي لا ملكة لهم معه ولا إرادة ولا شفاعة إلا من بعد إذن الله. فتُريهم (١) النفسُ السحَّارةُ هذا القَدْرَ غايةَ تنقُّصهم وهضمهم ونزولِ أقدارهم (٢)، وعدمِ تميُّزهم عن المساكين الفقراء. فتنفِرُ نفوسُهم من تجريد التوحيد أشدَّ النِّفار ويقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥].

وتُريهم تجريدَ المتابعة للرسول وما جاء به وتقديمَه على آراء الرجال في صورة تنقُّصِ العلماء والرغبةِ عن أقوالهم وما فهموه عن الله ورسوله، وأنَّ هذا إساءةُ أدب عليهم وتقدُّمٌ بين أيديهم، وهو مفضٍ إلى إساءة الظن بهم وأنَّهم قد فاتهم الصواب، وكيف لنا قوة أن نردَّ عليهم ونفوز ونحظى بالصواب دونهم؟ فتنفِرُ من ذلك أشد النِّفار، وتجعلُ كلامَهم هو المحكَّم الواجبَ الاتباع، وكلامَ الرسول هو المتشابه الذي يُعرَض على أقوالهم، فما وافقها قبلناه، وما خالفها ردَدْناه أو أوَّلناه أو فوَّضناه. وتُقاسِم (٣) النفسُ السحَّارةُ بالله إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا! أولئك الذين يعلم [١٥١ أ] الله ما في قلوبهم.

فصل

وتُريه صورةَ الإخلاص في صورةٍ ينفرُ منها، وهي الخروجُ عن حكمِ العقلِ المعيشي والمداراةِ والمداهنةِ التي بها اندراجُ حال صاحبها ومشيُه بين


(١) زاد في (ط): «هذه».
(٢) (ط): «درجتهم وأقدارهم».
(٣) كذا في جميع النسخ. ومنه قوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: ٢٠] وغُيِّر في النسخ المطبوعة إلى «تقسم».