للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قولكم في الوجه الحادي والعشرين: إن الجسم يحتاج في قوامه وبقائه وحفظه إلى النفس، فلو كانت النفس جسمًا لكانت محتاجة في قوامها وبقائها إلى نفس أخرى، ويلزمُ التسلسل.

جوابه: أنه لا يلزم من افتقار البدن إلى نفس تحفظُه افتقارُ النفس إلى نفسٍ تحفظها، وهل ذلك إلا مجرَّدُ دعوى كاذبةٍ تستند (١) إلى قياسٍ [١٤١ ب] قد تبيَّن بطلانُه، فإن كلَّ جسم لا يفتقر إلى نفس تحفظه كأجسام المعادن وجسم الهواء والماء والنار والتراب وأجسام سائر الجمادات.

فإن قلتم: إن هذه ليست أحياءً ناطقةً بخلاف النفس فإنها حية ناطقة. قلنا: فحيئذٍ يبقى الدليل هكذا: إنَّ كلَّ جسمٍ حيٍّ ناطقٍ يحتاج في حفظه وقيامه إلى نفسٍ تقوم به. وهذه دعوى مجرَّدة، وهي كاذبة، فإنَّ الجن والملائكة أحياء ناطقون، وليسوا مفتقرين في قيامهم إلى أرواح أُخَر تقوم بهم.

فإن قلتم: وكلامنا معكم في الجن والملائكة فإنهم ليسوا بأجسامٍ متحيزة (٢).


(١) في (ن): «مستندة». وفي غيرها جميعًا: «مستند»، فأقرب قراءة لهذا الرسم ما أثبتنا، إلا أن يكون سهو قد وقع في أصل المصنف فيكون الصواب ما ورد في (ن). وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة ما عدا (غ)، ولعل في النص سقطًا أو تصحيفًا. وفي (غ): «فكلامنا معكم ... أنهم ليسوا». وهو أشبه.