للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما المسألة الحادية والعشرون (١)

وهي: هل النفس واحدة أم ثلاثة؟

فقد وقع في كلام كثير من الناس أن لابن آدم ثلاثة أنفس (٢)؛ نفس مطمئنة، ونفس لوَّامة، ونفس أمارة، وأن منهم من تغلب عليه هذه، ومنهم من تغلب عليه الأخرى. ويحتجُّون على ذلك بقوله تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: ٢٧]، وبقوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ١، ٢]، وبقوله: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣].

والتحقيق: أنها نفس واحدة، ولكن لها صفات (٣)، فتسمَّى باعتبار كل صفة باسم. فتسمى «مطمئنة» باعتبار طمأنينتها إلى ربها بعبوديته، ومحبته، والإنابة إليه، والتوكُّل عليه، والرضا به، والسكون إليه.

وإن سمةَ محبته وخوفه ورجائه فناؤها [عن] محبةِ غيره وخوفه


(١) (ن): «الثانية والعشرون». وفي (ب): «التاسعة عشر»، ثم ضرب عليها وكتب: «العشرون». ولم يَرد «فصل وأما» في (ن).
(٢) «النفس» بمعنى الروح مؤنثة، وقد وصفها المصنف بالواحدة والمطمئنة وغيرها، ولكن أنث العدد فقال: «ثلاثة» هنا وفي السطر السابق. وفي النسخ المطبوعة: «ثلاث».
(٣) من أول المسألة إلى هنا نقله شارح الطحاوية (٣٨٩ ــ ٣٩٠). وقارن بكلام المصنف في إغاثة اللهفان (١/ ٧٥ وما بعدها).