للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظنَّ فضلًا عن اليقين، فإن النفوس العقلية هي العلوم والإدراكات، والنفوسَ الجسمانية هي الأشكال والصور، ولا ريب أن العلوم مخالفةٌ بحقائقها للصور والأشكال. ولا يلزم من ثبوت حكمٍ في نوع من أنواع الماهيات ثبوته فيما (١) يخالف ذلك النوع.

فصل

وقولكم في الرابع عشر: لو كانت النفس جسمًا لكان بين تحريك المحرِّك رجلَه وبين إرادته للحركة زمان، إلى آخره.

جوابه: أن النفس مع الجسد لا تخلو من ثلاثة أحوال: إما أن تكون لابسةً لجميعه من خارج كالثوب، أو تكون في موضع واحد كالقلب والدماغ، أو تكون ساريةً في جميع أجزاء الجسد.

وعلى كل تقدير من هذه التقادير، فتحريكُها لِما تريد تحريكَه يكون مع إرادتها لذلك بلا زمان، كإدراك البصر لما يلاقيه، وإدراك السمع والشمّ والذوق (٢). وإذا قطعتَ العضو لم ينقطع ما كان من جسم الإنسان متخلِّلًا لذلك العضو، سواءٌ كانت لابسة له من داخل أو خارج، بل تفارقُ العضوَ الذي بطل حسُّه في الوقت، وتتقلص عنه بلا زمان. وتكون مفارقتها لذلك العضو كمفارقة الهواء للإناء إذا مُلِئ ماء.

وأما إن (٣) كانت النفس ساكنةً في موضع واحد من البدن، لم يلزم أن


(١) هذا في الأصل و (غ، ج). وفي (ن، ز): «لما». وفي (ب، ط، ق): «كما»، تصحيف.
(٢) في الأصل: «العروق». وكذا في (ز، ق، غ). والصواب ما أثبتنا من (ب، ج). وفي (ط): «الذوق والعروق»، جمع بين الصحيح والمحرّف. وفي (ن) حذف الكلمة.
(٣) (ب، ط، ج): «إذا».