للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه طمأنينة إلى أحكام الصفات وموجباتها وآثارها في العالَم، وهي قَدرٌ زائد على الطمأنينة بمجرَّد العلم بها واعتقادها. وكذلك سائر الصفات وآثارها ومتعلقاتها، كالسمع والبصر والعلم والرضا والغضب والمحبة. فهذه طمأنينة الإيمان.

وأما طمأنينة الإحسان فهي: الطمأنينة إلى أمره امتثالًا وإخلاصًا ونصحًا. فلا يُقَدِّم على أمره إرادةً ولا هوًى ولا تقليدًا، فلا يساكن شبهةً تعارض خبرَه، ولا شهوةً تعارض أمرَه، بل إذا مرَّت به أنزلها منزلةَ الوساوس التي لَأنْ يَخِرَّ من السماء إلى الأرض أحبُّ إليه من أن يجدها، فهذا ــ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ــ «صريحُ الإيمان» (١). وعلامةُ هذه الطمأنينة أن يطمئن من قلق المعصية وانزعاجها إلى سكون التوبة وحلاوتها وفرحتها. ويسهِّل عليه ذلك أن يعلم (٢) أنَّ اللذة والحلاوة والفرحة التي في الظفر بالتوبة أضعافُ أضعافِ اللذة والحلاوة والفرحة التي في الظفر (٣) بالمعصية. وهذا أمر لا يعرفه إلا من ذاق الأمرَيْن وباشر قلبُه آثارهما.

فللتوبة (٤) طمأنينةٌ تقابل ما في المعصية من الانزعاج والقلق، ولو فتَّش العاصي عن قلبه لوجَد حشوَه المخاوفَ والانزعاج والقلق والاضطراب.


(١) يشير إلى ما أخرجه مسلم (١٣٢) من حديث أبي هريرة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «بأن يعلم» لما قرؤوا: «يسهُل».
(٣) «بالتوبة ... الظفر» ساقط من الأصل، وكذا من (ب، ج، ق) وجميع النسخ المطبوعة، إلا أن ناشر الطبعة الهندية ــ وتابعه الآخرون ــ أثبت «بالتوبة» مكان «بالمعصية» وحذف «التي»، ليصح المعنى.
(٤) (ب، ج): «وللتوبة».