للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قولكم في الرابع: إنَّ القوة العقلية تقوى على أفعال غير متناهية، ولا شيء من القوى الجسمانية كذلك.

فجوابه: أنَّا لا نسلِّم أنها تقوى على أفعال غير متناهية.

قولكم (١): إنها تقوى على إدراكات لا تتناهى، والإدراكاتُ أفعال= مقدمتان كاذبتان. فإن إدراكاتها ولو بلغت ما بلغت فهي متناهية، فلو (٢) كان لها بكل نفس ألفُ ألفِ إدراك لتناهت إدراكاتها. فهي قطعًا تنتهي في الإدراكات والمعارف إلى حدًّ لا يمكنها أن تزيد عليه شيئًا، كما قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦]. إلى أن ينتهي العلم إلى من هو بكل شيء عليم، فهو الله الذي لا إلاه إلا هو وحده. وذلك من خصائصه التي لا يشرَكه فيها سواه (٣).

فإن قلتم: لو انتهى إدراكها إلى حدٍّ (٤) لا يمكنها المزيدُ عليه لزمَ انقلابُ الشيء من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي (٥).

قلنا: فهذا بعينه لو صحَّ دلَّ على أنَّ القوة الجسمانية تقوى على أفعالٍ غيرِ متناهية، وذلك يوجب سقوط الشبهة وبطلانها.


(١) كذا في جميع النسخ الخطية. وفي النسخ المطبوعة «وقولكم».
(٢) (ب، ط، ج): «ولو».
(٣) (ط، ج، ن، ز): «أحد سواه».
(٤) «من خصائصه ... حدّ» ساقط من (ب).
(٥) «إلى الامتناع الذاتي» من (ب، ط، ج).