للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه خلُق متولِّد بين أمرين: إعجابهِ بنفسه وإزرائه بغيره، فيتولَّد من بين هذين التِّيهُ.

والأول يتولَّد من بين خلقين كريمين: إعزازِ النفس وإكرامِها وتعظيم مالكها وسيِّدها أن يكون عبدُه دنيًّا وضيعًا خسيسًا، فيتولَّدُ من بين هذين الخلقين شرفُ النفس وصِيانتُها.

وأصلُ هذا كله استعدادُ النفس وتهيؤُها، وإمدادُ وليِّها ومولاها لها. فإذا فُقِد الاستعدادُ والإمدادُ فُقِد الخير كلُّه.

فصل

وكذلك الفرقُ بين الحميَّة والجفاء، فإنَّ الحميَّةَ فِطامُ النفس عن رضاع اللؤم من ثديٍ هو مَصَبُّ الخبائث والرذائل والدَّنايا، ولو غزُرَ لبنه وتهالك الناسُ عليه، فإنَّ لهم فِطامًا تتقطَّع (١) معه الأكبادُ حسراتٍ! ولا بدَّ (٢) من الفِطام، فإن شئت عجَّلتَ (٣) وأنت محمودٌ مشكور، وإن شئتَ أخَّرْتَ وأنت غير مأجور. بخلاف الجفاء فإنه غِلظةٌ في النفس، وقَساوة في القلب، وكثافة في الطبع، يتولَّد عنها خلُقٌ يُسمَّى الجفاء.

فصل

والفرقُ بين التواضعِ والمَهانة أن التواضعَ يتولَّد من بين العلمِ بالله سبحانه، ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله، وتعظيمه ومحبَّته وإجلاله؛


(١) الأصل غير منقوط. وفي غيره: «تنقطع».
(٢) ما عدا (ط): «فلا بدَّ».
(٣) في الأصل: «عجل ... أخرت». وكذا في (غ، ق). وفي غيرهما: «عجل .. أخر».