للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندهم ولا قول.

ونزَّهوه أن يفعل شيئًا لشيءٍ، بل أفعالهُ لا لحكمةٍ ولا لغرضٍ مقصود.

ونزَّهوه أن يكون تامَّ المشيئة، نافذَ الإرادة، بل يشاء الشيءَ ويشاء عبادُه خلافَه، فيكون ما شاء العبدُ دون ما شاء (١) الربُّ، ولا يشاء الشيءَ فيكون ما لا يشاء، ويشاء ما لا يكون، وسمَّوا هذا عدلًا كما سمَّوا ذلك التنزيه توحيدًا.

ونزَّهوه عن أن يُحِبَّ أو يُحَبَّ. ونزَّهوه عن الرأفة والرحمة والغضب والرضا. ونزَّهه آخرون عن السمع والبصر، وآخرون عن العلم.

ونزَّهه آخرون عن الوجود فقالوا: الذي فرَّ إليه هؤلاء المنزِّهون من التشبيه والتمثيل يلزمنا في الوجود، فيجب علينا أن ننزِّهه عنه.

فهذا تنزيه الملحدين. والأول تنزيه المرسلين.

فصل

والفرق بين إثبات حقائق الأسماء والصفات وبين التشبيه والتمثيل ما قاله الإمام أحمد ومن وافقه من أئمة الهدى: أنَّ التشبيه والتمثيل أن تقول: يدٌ كيدي، أو سمعٌ كسمعي، أو بصرٌ كبصري، ونحو ذلك (٢). وأما إذا قلتَ: سمعٌ وبصرٌ ويدٌ ووجهٌ واستواءٌ لا يماثل شيئًا من صفات المخلوقين، بل بين


(١) (ب، ج، غ، ط): «شاء العبد دون ما يشاء». وفي (ن): «يشاء» في الموضعين.
(٢) ذكره المصنف في اجتماع الجيوش الإسلامية (٢٤٣) عن إسحاق بن راهويه. وحكى نحوه عن الإمام أحمد في مدارج السالكين (٣/ ٣٥٩). وانظر قوله في إبطال التأويلات للقاضي أبي يعلى (١/ ٤٣، ٤٥).