للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكايته هذا اللفظ عن الشافعي: قد ثبت جوازُ القضاء عن الميِّت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس. وفي رواية أكثرهم: أنَّ امرأةً سألت، فأشبه أن يكون غيرَ قصة أم سعد (١). وفي رواية بعضهم [٨٨ أ]: «صومي عن أمِّك» (٢).

وسيأتي تقرير ذلك عند الجواب عن كلامه رحمه الله.

قولُكم: إنَّه معارَض (٣) بنصِّ القرآن، وهو قوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] إساءةُ أدب في اللفظِ، وخطأ عظيم في المعنى. وقد أعاذ الله رسولَه - صلى الله عليه وسلم - أن تُعارِض سنَّتُه لنصوص القرآن (٤). بل تُعاضِدها وتُؤيِّدها، ولله (٥) ما يصنع التعصبُ ونُصرة التقليد! وقد تقدَّم من الكلام على الآية ما (٦) فيه كفايةٌ، وبينَّا أنها (٧) لا تعارض بينها وبين سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهٍ، وإنما يُظنُّ التعارضُ من سوء الفهم. وهذه طريقةٌ وخيمة ذميمة، وهي ردُّ السنن الثابتة بما يُفهم من ظاهر القرآن. والعلمُ كلُّ العلمِ تنزيلُ السنن على القرآن، فإنها مُشتقَّة منه، ومأخوذة عمن جاء به. وهي بيانٌ له، لا أنها


(١) (أ، غ): «أم سعيد»، خطأ.
(٢) معرفة السنن والآثار (٦/ ٣٠٩).
(٣) (ب، ج): «يعارَض». (ن): «يُعارِض نصَّ ... ».
(٤) كذا في جميع النسخ: «لنصوص ... » باللام.
(٥) (ط): «فلله».
(٦) في الأصل: «بما». وكان السياق فيه: «تقدَّم الكلام بما ... » ثم استدركت «من»، ولم تحذف الباء.
(٧) ما عدا (أ، ق، غ): «أنه».