للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قولكم في السابع عشر: لو كانت النفس جسمًا لكانت على صفات سائر الأجسام التي لا تخلو منها، من الخفة والثقل، والحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والنعومةِ والخشونة، إلى آخره (١) = شبهةٌ فاسدة، وحجة داحضة، فإنه لا يجب اشتراك الأجسام في جميع الكيفيات والصفات. وقد فاوت اللّهُ سبحانه بين صفاتها وكيفياتها وطبائعها (٢)، فمنها ما يُرى بالبصر ويُلمَس باليد، ومنها ما لا يُرى ولا يُلمَس. ومنها ما له لون، ومنها ما لا لون له. ومنها ما يقبل الحرارة والبرودة، ومنها ما لا يقبله.

على أن للنفس (٣) من الكيفيات المختصَّة بها ما لا يشاركُها فيها البدن، ولها خفة وثقل، وحرارة وبرودة، ويبس (٤) ولِين بحسبها. وأنت تجد الإنسان في غاية الثقالة، وبدنُه نحيل (٥) جدًّا. وتجده في غاية الخفَّة، وبدنُه ثقيل. وتجد نفسًا لينة وادعة، ونفسًا يابسة [١٣٩ ب] قاسية. ومن له حسٌّ (٦) سليمٌ يشمُّ رائحةَ بعض النفوس كالجيفة المنتنة، ورائحةَ بعضِها أطيبَ من ريح المسك.

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرَّ في طريق بقيَ أثر رائحته في الطريق،


(١) «آخره» ساقط من (ب، ط، ز).
(٢) (ز، ن): «طباعها».
(٣) في الأصل: «النفس». وكذا في (ب، ط، ق، ن). والمثبت من غيرها.
(٤) (ن): «يبوسة».
(٥) تحرّف في (ب، ط) إلى «ثقيل»، فلما فسد المعنى أثبت ناسخا (ج، ن): «خفيف».
(٦) (ن): «شمّ».