للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمرض، وقوةُ النفس الأمارة والشيطان وتتابعُ أمدادهما، وأنه نقدٌ حاضر ولذَّة عاجلة، والداعي إليه يدعو من كلِّ ناحيةٍ، والهوى ينفذ (١)، والشبهة تُهوِّن، والتأسِّي (٢) بالأكثر، والتشبُّه بهم، والرضا بأن يصيبه ما أصابهم. فكيف يستجيب مع هذه القواطع وأضعافها لداعي الإيمان ومُنادي الجنة إلا من أمدَّه الله بأمداد التوفيق، وأيَّده برحمته، وتولَّى حفظه وحمايته، [١٥٣ أ] وفتح بصيرةَ قلبه، فرأى سرعةَ انقطاع الدنيا وزوالها وتقلُّبها بأهلها، وفعلها بهم، وأنها في الحياة الدائمة الأبدية كغَمْسِ إصبعٍ في البحر بالنسبة إليه.

فصل

والفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النِّفاق أنَّ خشوع الإيمان هو خشوعُ القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء، فينكسر القلبُ لله كَسْرةً ملتئمةً من الوجل والخجل والحبِّ والحياء، وشهود نِعَم الله، وجناياته هو، فيخشع القلب لا محالة، فيتبعه خشوعُ الجوارح.

وأما خشوعُ النِّفاق، فيبدو على الجوارح تصنُّعًا وتكلُّفًا، والقلب غير خاشع. وكان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النِّفاق. قيل له: وما خشوع النِّفاق؟ قال: أن يُرى الجسد خاشعًا، والقلب غير خاشع (٣).


(١) (ط): «يتقد».
(٢) ما عدا (ب، ج): «والناس».
(٣) أخرجه الإمام أحمد في الزهد (٧٥٧) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٦٨٦١) عن أبي الدرداء. وفي الزهد لابن المبارك (١٤٣) عن أبي يحيى أنه بلغه أن أبا الدرداء أو أبا هريرة قال.