للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب فقدِ كماله الذي جُعِل له. مثاله: كمال العين بالإبصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق. فإذا عَدِمتْ هذه الأعضاء القوى التي بها كمالُها حصَل الألم والنقص بحسب فوات ذلك.

وجَعَل كمال القلب ونعيمَه وسروره ولذته وابتهاجه في معرفته سبحانه، وإرادته، ومحبته، والإنابة إليه، والإقبال عليه، والشوق إليه، والأنس به. فإذا عَدِمَ القلبُ ذلك كان أشدَّ عذابًا واضطرابًا من العين التي فقدت النور الباصر، ومن اللسان الذي فقدَ قوة الكلام والذوق. ولا سبيلَ له إلى الطمأنينة بوجه من الوجوه، ولو نال من الدنيا وأسبابها ومن العلوم ما نال، إلا بأن يكون الله وحده هو محبوبَه وإلاهه ومعبودَه وغايةَ مطلوبه، ويكون هو وحده مستعانَه على تحصيل ذلك. فحقيقة الأمر أنه لا طمأنينة له بدون التحقُّق (١) بـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥].

وأقوالُ المفسرين في «المطمئنة» ترجع إلى ذلك (٢).

قال ابن عباس: المطمئنة: المصدِّقة.

وقال قتادة: هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله.

وقال الحسن: المصدِّقة (٣) بما قال الله تعالى.


(١) ما عدا (ج، ز): «التحقيق».
(٢) انظر الأقوال الآتية بترتيبها في تفسير الطبري (٢٤/ ٣٩٣ ــ ٣٩٤). وقد ذكرها المصنف على هذا الترتيب أيضًا في إغاثة اللهفان (١/ ٧٦) إلا قول مجاهد فإنه لم يُفصِّل رواياته فيه كتفصيلها هنا.
(٣) «وقال قتادة ... المصدقة» ساقط من الأصل.