للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفة والصفة من الفرق كما بين الموصوف والموصوف (١) = فأيُّ تمثيلٍ هاهنا وأيُّ تشبيهٍ، لولا تلبيسُ الملحدين؟

فمدارُ الحقِّ الذي اتفقت عليه الرسل على أن يوصفَ اللهُ بما وصَف به نفسَه، وبما وصفه به رسلُه، من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل: إثباتُ الصفات ونفيُ مشابهة المخلوقات. فمن شبَّهَ اللهَ بخلقه فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسَه فقد كفر. ومن أثبتَ له حقائق الأسماء والصفات ونفَى عنه مشابهةَ المخلوقات، فقد هُدِيَ [١٧٥ أ] إلى صراطٍ مستقيم.

فصل

والفرق بين تجريد التوحيد وبين هضم أرباب المراتب: أنَّ تجريد التوحيد أن لا يُعطى المخلوقُ شيئًا من حقِّ الخالق وخصائصه، فلا يُعبد، ولا يُصلَّى له ويُسجَد، ولا يُحلَف باسمه، ولا يُنذَر له، ولا يُتوكل عليه، ولا يُؤلَّه، ولا يُقسَم به على الله، ولا يُعبَد ليقرِّب إلى الله زلفى. ولا يُساوَى بربِّ العالمين في قول القائل: ما شاء الله وشئت، وهذا منك ومن الله، وأنا بالله وبك، وأنا متوكِّل على الله وعليك، واللهُ لي في السماء وأنت في الأرض، وهذا من صدقاتك وصدقات الله، وأنا تائب إلى الله وإليك، وأنا في حسبِ الله وحسبِك؛ فيسجدَ للمخلوق كما يسجد المشركون لشيوخهم، يحلقَ رأسه له، ويحلفَ باسمه، وينذَر له، ويسجدَ لقبره بعد موته، ويستغيثَ به في حوائجه ومهمَّاته، ويُرضيَه بسخط الله، ولا يُسخطَه في رضا الله، ويتقرَّبَ إليه أعظم مما يتقرَّب إلى الله، ويحبَّه ويخافَه ويرجوه أكثرَ مما يُحبُّ اللهَ


(١) (ق): «والواصف»، وهو خطأ.