للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يكون خبرهم مُحالًا في العقول أصلًا. وكلُّ خبر يُظَنُّ (١) أنَّ العقل يُحيله، فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون الخبر كذبًا عليهم، أو يكون ذلك العقلُ فاسدًا. وهو شبهة خيالية يظنُّ صاحبُها أنَّها معقول صريح. قال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سبأ: ٦]. وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد: ١٩].

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} [الرعد: ٣٦]. والنفوس لا تفرح بالمحال.

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: ٥٧، ٥٨]. والمحال لا يَشفي، ولا يحصل به هدًى ولا رحمةٌ، ولا يُفرَح (٢) به.

فهذا أمرُ مَن لم يستقرَّ في قلبه خيرٌ، ولم يثبُتْ له على الإسلام قدمٌ، وكان أحسن أحواله الحيرة والشكّ.

فصل

الأمر الثاني (٣): أن يُفهَم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مرادُه من غير [٤٠ ب] غلُوٍّ ولا


(١) (ق): «نظن». وهو مضبوط في (ط).
(٢) (ط): «فلا يفرح».
(٣) أورد أوله شارح الطحاوية (٣٩٦) بشيء من التصرف دون إشارة إلى ابن القيم.