للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معيَّن؛ إلا أنَّا إذا حذفنا عنها ذلك، واعتبرناها من حيث هي هي، كانت بمنزلة تلك الصورة التي فعلنا بها ذلك؟ فالمعيَّن في مقابلة المعيَّن، والمطلَقُ المأخوذ من حيث هو هو [١٣٤ أ] في مقابلة محلِّه المطلَق. وهذا هو المعقول الذي شهدت به العقول الصحيحة والميزان الصحيح.

فظهر أنَّ هذه الشبهةَ مِن أفسَدِ الشُّبَه وأبطَلِها، وإنما أُتِيَ القوم من الكلِّيات، فإنها هي التي خَرَّبتْ دُورَهم، وأفسدت نظرهم (١) ومناظرتهم (٢)، فإنهم جرَّدوا أمورًا كليةً لا وجود لها في الخارج، ثم حكموا عليها بأحكامِ الموجودات، وجعلوها ميزانًا وأصلاً للموجودات. فإذا جرَّدوا صورَ المعلومات وجعلوها كليةً، جرَّدنا نحن محلَّها، وجعلناه كليًّا، وإن أخذت جزئيَّة معينة، فمحلُّها كذلك. فالكلِّيُّ في مقابلة الكلِّي، والجزئي في مقابلة الجزئي.

على أنَّا نقول: ليس في الذهن (٣) كليٌّ، وإنما في الذهن صورة معينة مشخَّصَة منطبقة على سائر أفرادها، فإن سُمِّيت كليةً بهذا الاعتبار، فلا مُشاحَّة في الألفاظ، وهي كلية وجزئية باعتبارين.

فصل

قولكم في الوجه الثالث: إنَّ الصور العقلية مجرَّدة، وتجرُّدُها إنما هو بسبب الآخذِ لها، وهو القوة العقلية.


(١) (غ): «فطرهم». وكذا في بعض النسخ المطبوعة.
(٢) ما عدا (ب، ط، ج): «مناظرهم». وكذا في معظم النسخ المطبوعة.
(٣) (ن، ز): «خارج الذهن». وفي (ب، ط، ج): «في الخارج ولا في الذهن».