للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أقوال أهل البدع والضلال (١)، فقال أبو الهُذَيل والمَرِيسي (٢):

من خرج عن سمَة الإيمان فإنه يعذَّب بين النفختين، والمسألةُ في القبر إنما تقع في ذلك الوقت.

وأثبت الجُبَّائي وابنه (٣) والبَلْخي (٤) عذاب القبر، ولكنهم نفَوْه عن المؤمنين، وأثبتوه لأصحاب التخليد من الكفار (٥) والفُسَّاقِ على أصولهم.


(١) هذه الأقوال إلى آخر الفصل منقولة من كتاب التذكرة للقرطبي (٣٧٨ ــ ٣٨٠). وانظر: المواقف للإيجي (٣/ ٥١٧).
(٢) كذا في جميع النسخ. وفي تذكرة القرطبي ــ وهو مصدر المؤلف ــ: «بِشْر». والمقصود به: بِشر بن المعتمر الهلالي. وقد صرَّح بذلك الآمدي في أبكار الأفكار (الآيات البينات: ٨٧) والعضد في المواقف (٣/ ٥١٧). ولكن ابن القيِّم توهَّم أن المراد: بِشر بن غياث المريسي، فتصرَّف في نقل كلام القرطبي، وكتب مكان «بشر»: «المريسي» مع أنَّ القرطبي ميَّز بينهما. فذكر ابن المعتمر باسمه «بشر» في أول الفقرة، وذكر ابن غياث في آخرها باسمه ونسبه: «بشر المريسي».

أضف إلى ذلك أن السياق يأبى أن يراد هنا المريسي، فإن القرطبي نقل أولاً أقوال طائفة من المعتزلة القائلين بعذاب القبر، ومنهم أبو الهذيل وبشر، ثم قال: «وأما الباقون من المعتزلة ... فإنهم أنكروا عذاب القبر أصلاً». وذكر من هؤلاء «بشرًا المريسي». فلا يعقل أن يكون المريسي منكرًا لعذاب القبر أصلاً وقائلاً به في وقت واحد.
(٣) الجبَّائي محمد بن عبد الوهاب (ت ٣٠٣) وابنه عبد السلام (ت ٣٢١). ترجمتهما في طبقات المعتزلة (٨٠، ٩٤).
(٤) عبد الله بن أحمد البلخي الكعبي، رأس الفرقة الكعبية (ت ٣١٩). ترجمته في المصدر السابق (٨٨).
(٥) في (ط، ج): «في النار» مكان «من الكفار».