للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتنقَّصوه، فلهم نصيبٌ وافر من قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: ٤٥].

فصل

والفرق بين تجريد متابعة المعصوم وإهدار أقوال العلماء وإلغائها: أنَّ تجريد المتابعة أن لا تُقدِّم على ما جاء به قولَ أحدٍ ولا رأيَه كائنًا من كان، بل تنظر في صحة الحديث أولًا، فإذا صحَّ لك نظرتَ في معناه ثانيًا، فإذا تبيَّن لكَ لم تعدِلْ عنه، ولو خالفك مَن بين المشرق والمغرب.

ومعاذَ الله أن تتفق الأمة على مخالفة ما جاء به نبيُّها، بل لابدَّ أن يكون في الأمة من قال به، ولو لم تعلمه. فلا تجعل جهلَك بالقائل به حجةً على الله ورسوله، بل اذهب إلى النصِّ ولا تضعُفْ، واعلم أنه قد قال به قائلٌ قطعًا ولكن لم يصِلْ إليك. هذا مع حفظ مراتب العلماء، وموالاتهم، واعتقاد حرمتهم وأمانتهم (١) واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه، فهم دائرون بين الأجر والأجرَين والمغفرة. ولكن لا يُوجب هذا إهدارَ النصوص وتقديمَ قول الواحد منهم عليها لشبهة أنه أعلم بها منكَ. فإن كان كذلك فمَن ذهب إلى النصِّ أعلمُ به منك أيضًا، فهلَّا وافقتَه إن كنت صادقًا!

فمن عرض أقوال العلماء على النصوص، ووزنها بها، وخالف منها ما خالف النصَّ= لم يُهدِر أقوالهم، ولم يهضم جانبهم، بل اقتدى بهم، فإنهم كلهم أمَروا بذلك. فمتَّبعُهم حقًّا مَن امتثل ما [١٧٦ أ] أوصَوا به، لا مَن


(١) (ب، ج، غ): «إمامتهم».