للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفرَّسَني علمتُ أنه صِدِّيق (١).

وهذا عثمانُ بن عفان، دخل عليه رجل من الصحابة، وقد رأى امرأةً في الطريق، فتأمَّل محاسنها، فقال له عثمان: يدخل عليَّ أحدُكم، وأثر الزنا ظاهر على عينيه! فقلت [١٥٨ ب]: أوحيٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة (٢).

فهذا شأن الفراسة. وهي نور يقذفه الله في القلب، فيخطر له الشيء، فيكون كما خطَر له؛ وينفُذ إلى العين، فترى ما لا يراه غيرها.

فصل

والفرق بين النصيحة والغيبة: أنَّ النصيحة يكون القصدُ فيها تحذيرَ المسلم من مبتدع أو فتَّان أو غاشٍّ أو مفسد، فتذكُر ما فيه إذا استشارك في صحبته ومعاملته والتعلُّق به. كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس، وقد استشارته في نِكاح معاوية وأبي جَهْم، فقال: «أما معاوية فصُعلوك، وأما أبو جَهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» (٣). وقال عن بعض أصحابه لمن سافر معه: «إذا هبطتَ بلادَ قومه فاحذَرْه (٤)» (٥).


(١) الرسالة القشيرية (٢/ ٣٩٣ ــ ٣٩٤).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٩٣). وانظر: مدارج السالكين (٢/ ٤٨٦).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٨٠).
(٤) في الأصل: «فاحذروه». وكذا في (غ). والمثبت من غيرهما، وهو موافق لمصادر التخريج.
(٥) أخرجه أحمد (٢٢٤٩٢)، وأبو داود (٤٨٦١)، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ١٢٩) وغيرهم من طريق إبراهيم بن سعد، حدثنيه ابن إسحاق، عن عيسى بن معمر، عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعي عن أبيه ... في قصة.
وفي سنده عبد الله بن عمرو بن الفغواء، قال الذهبي: «لا يعرف»، وقال الحافظ: «مستور». وذكره ابن حبان في «الثقات».
وفيه عيسى بن معمر، ذكره ابن حبان في الثقات وليّنه الحافظ. (العمران).