للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا خارجه، ولا متصل به ولا منفصل (١) عنه= لأضحكَ العقلاء على عقله، ولأطبقوا على تكذيبه. وكلُّ ما شهدت بدائهُ العقولِ وصرائحُها ببطلانه، كان الاستدلالُ على ثبوته استدلالاً على صحة وجود المحال. وبالله التوفيق.

فصل

[أدلَّة المنازعين]

فإن قيل: قد ذكرتم الأدلَّة الدالَّة على جسميَّتها وتحيُّزها، فما جوابكم على أدلَّة المنازعين لكم في ذلك؟ فإنهم استدلُّوا بوجوه (٢):

أحدها: اتفاقُ العقلاء على قولهم: الروح والجسم، والنفس والجسم، فيجعلونها شيئًا غير الجسم. فلو كانت جسمًا لم يكن لهذا القول معنى.

الثاني ــ وهو أقوى ما يحتجُّون به ــ: أنه من المعلوم أن في الموجودات ما هو غيرُ قابلٍ للقسمة، كالنقطة، والجوهر الفرد، بل ذاتُ واجبِ الوجود؛ فوجب أن يكون العلم بذلك غيرَ قابل للقسمة (٣)، فوجب أن يكون الموصوفُ بذلك العلم ــ وهو محله ــ غيرَ قابلٍ للقسمة، وهو النفس. فلو كانت جسمًا لكانت قابلةً للقسمة.

ويُقرَّرُ (٤) هذا الدليل على وجه آخر: وهو أنَّ محل العلوم الكلِّية لو كان جسمًا أو جسمانيًّا لانقسمت تلك (٥) العلوم؛ لأن الحالَّ في المنقسم


(١) (ق): «متصلًا ... منفصلًا».
(٢) انظر جملة منها في رسالة ابن سينا في السعادة والحجج العشرة على أن النفس الإنسانية جوهر (٥ ــ ١٢) وكتاب المعتبر لأبي البركات البغدادي (٢/ ٣٥٧ ــ ٣٥٩).
(٣) «فوجب ... القسمة» ساقط من الأصل. و «كالنقطة ... القسمة» ساقط من (ط).
(٤) هذا في الأصل. وفي (غ): «ونقرر». وفي غيرها: «وتقرَّر».
(٥) (ب، ط، ج): «بذلك».