للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: فذلك الجوهرُ الذي أثبتُّموه مغايرٌ للإنسان (١)، أم هو حقيقةُ الإنسان؟ ولابد لكم من أحد الأمرين.

فإن قلتم: هو حقيقة الإنسان، تناقضتم تناقضًا بيِّنًا. وإن (٢) قلتم: هو غيرُ الإنسان، رجعَ كلامكم إلى أنكم أثبتُّم للإنسان [١٢٨ ب] مدبِّرًا غيرَه سميتموه نفسًا. وكلامنا الآن إنما هو في (٣) حقيقة الإنسان، لا في مدبِّره؛ فإنَّ مدبِّرَ الإنسان وجميع العالم العلويِّ والسفلي هو الله الواحد القهار.

الوجه الخامس عشر بعد المائة: أن كلَّ عاقل إذا قيل له: ما الإنسان؟ فإنه يشير إلى هذه البِنيَة وما قام بها، لا يخطرُ بباله أمرًا مغايرًا لها مجرَّدًا (٤) ليس في العالم ولا خارجه، والعلم بذلك ضروريٌّ لا يقبل شكًّا ولا تشكيكًا.

الوجه السادس عشر بعد المائة: أنَّ عقول العالمين قاضيةٌ بأن الخطاب متوجِّه إلى هذه البنية وما قام بها وساكَنَها، وكذلك المدح والذم، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب. ولو أن رجلاً قال: المأمورُ المنهيُّ (٥)، والممدوح والمذموم، والمخاطَب العاقل= جوهرٌ مجرَّدٌ، ليس في العالم


(١) (أ، ق): «يغاير للإنسان». (ب، ط): «مغاير الإنسان». والمثبت من (ج).
(٢) «قلتم ... وإن» ساقط من (أ، غ). وهنا انتهى الخرم الذي وقع في (ز).
(٣) «في» ساقط من (أ، ب، ق، ز).
(٤) كذا في جميع النسخ. وفي النسخ المطبوعة: «أمر مغاير لها مجرد»، ولعله من تصرف الناشرين. ونصب «أمرًا» على أنه حال من الضمير في «يخطر» العائد على الإنسان.
(٥) (ط): «والمنهي».