للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما توحيد المعطلين، فنفيُ حقائق أسمائه وصفاته وتعطيلُها. ومن أمكنه منهم تعطيلُها من لسانه عطَّلها فلا يذكرها، ولا يذكر آيةً تتضمنها، ولا حديثًا يصرِّح بشيءٍ منها. ومن لم يُمكنه تعطيلُ ذكرِها سطا عليها بالتحريف، ونفى حقيقتها، وجعلها اسمًا فارغًا لا معنى له، أو معناه من جنس الألغاز والأحاجي. على أنَّ مَن طرَدَ تعطيلَه منهم علِمَ أنه يلزمه (١) في ما حرَّفَ إليه النصَّ من المعنى نظيرُ ما فرَّ منه سواء، فإن لزم تمثيلٌ أو تشبيهٌ أو حدوثٌ في الحقيقة لزم في المعنى الذي حمل عليه النص، وإن لم يلزم في هذا فهو أولى أن لا يلزم في الحقيقة. [١٧٤ أ] فلمَّا علِمَ هذا لم يمكنه إلا تعطيلُ الجميع، فهذا طردٌ لأصل التعطيل. والفرقُ أقربُ منه، ولكنه متناقضٌ يتحكَّم (٢) بالباطل حيث أثبت لله بعضَ ما أثبتَه لنفسه، ونفى عنه البعض الآخر. واللازم الباطل فيهما واحدٌ، واللازم الحقُّ لا يفرِّق بينهما.

والمقصود أنهم سمَّوا هذا التعطيل توحيدًا، وإنما هو إلحادٌ في أسماء الربِّ وصفاته، وتعطيلٌ لحقائقها.

فصل

والفرق بين تنزيه الرسل وتنزيه المُعطِّلة: أنَّ الرسلَ نزَّهوه سبحانه عن النقائص والعيوب التي نزَّه نفسَه عنها، وهي المنافيةُ لكماله وكمال ربوبيته وعظمته، كالسِّنة والنوم والغفلة والموت واللُّغوب، والظلم وإرادته والتسمِّي به، والشريك والصاحبة والظهير والولد والشفيع بدون إذنه، وأن


(١) (أ، ط، ق): «يلتزمه».
(٢) (ز): «متحكم». وفي (ب، ج، ط): «فيحكم».