للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخامس: تعلُّقها به يومَ بعث الأجساد. وهو أكملُ أنواع تعلُّقها بالبدن، ولا نسبة (١) لما قبله من أنواع التعلُّق إليه؛ إذ هو تعلُّقٌ لا يقبل البدنُ معه موتًا ولا نومًا ولا فسادًا.

وأما قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: ٤٢] فإمساكُه سبحانه [٢٨ أ] التي قضى عليها الموتَ لا يُنافي ردَّها إلى جسد الميت في وقتٍ ما ردًّا عارضًا لا يوجب له الحياةَ المعهودة في الدنيا. وإذا كان النائم روحُه في جسده، وهو حيٌّ، وحياتُه غير حياة المستيقظ، فإنَّ النوم شقيقُ الموت؛ فهكذا الميتُ إذا أعيدت روحُه إلى جسده كانت له حالٌ متوسطةٌ بين الحيِّ وبين الميِّت الذي لم تُرَدَّ روحُه إلى بدنه، كحال النائمِ المتوسطة بين الحيِّ والميت. فتأمَّلْ هذا يُزيح (٢) عنك إشكالاتٍ كثيرة.

وأمَّا إخبارُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رؤية الأنبياء ليلةَ أُسرِي به، فقد زعم بعضُ أهل الحديث (٣) أنَّ الذي رآه أشباحهم وأرواحهم. قال: فإنهم أحياءٌ عند ربهم يُرزقون. وقد رأى إبراهيمَ مُسنِدًا ظهرَه إلى البيت المعمور (٤)، ورأى موسى قائمًا في قبره يُصلِّي (٥). وقد نعتَ الأنبياءَ لما رآهم بنعت الأشباح، فرأى


(١) في (ط): «ولا يشبه»، تصحيف. ولما أشكل «إليه» الآتية غيَّره الناسخ أو غيرُه: «البتة».
(٢) كذا في جميع النسخ. وسيأتي نحوه في (ص ١٨٦) وفي شرح الطحاوية: «يُزِحْ»، مجزوم لأنه جواب الطلب.
(٣) (أ، غ): «الخبرة»، تحريف.
(٤) كما في حديث أنس، أخرجه مسلم في الإيمان (١٦٢).
(٥) كما في حديث أنس، أخرجه مسلم في فضائل موسى (٢٣٧٥).