للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غافر: ١١] فلا ينفي ثبوتَ هذه الإعادةِ العارضة للروح في الجسد للمساءلة (١). كما أنَّ قتيلَ بني إسرائيل الذي أحياه الله بعد قتله ثم أماتَه، لم تكن تلك الحياةُ العارضة له مُعتدًّا بها، فإنه حَيِيَ لحظةً بحيث قال: فلانٌ قتلني، ثمَّ خرَّ ميتًا. على أن قوله: «ثم تُعاد روحُه في جسده» لا يدلُّ على حياة مستقرة، وإنما يدلُّ على إعادةٍ لها إلى البدن وتعلُّقٍ به. والرّوحُ لم تزل متعلقةً ببدنها، وإن بَلِي، وتمزَّق. وسِرُّ ذلك أنَّ الروح لها بالبدن خمسةُ أنواع من التعلُّق متغايرةُ الأحكام (٢):

أحدها: تعلُّقها به في بطن الأمِّ جنينًا (٣).

الثاني: تعلُّقها به (٤) بعد خروجه إلى وجهِ الأرض.

الثالث: تعلُّقها به في حال النوم، فلها به تعلُّقٌ من وجه، ومفارقةٌ من وجه.

الرابع: تعلُّقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردَتْ عنه فإنها لم تُفارقْه فراقًا كليًّا بحيث لا يبقى لها التفات (٥) إليه البتة. وقد ذكرنا في أول الجواب من الأحاديث والآثار ما يدلُّ على ردِّها إليه وقتَ سلام المسلِّم، وهذا الردُّ إعادةٌ خاصة لا تُوجِب حياةَ البدن قبل يوم القيامة.


(١) رسمها في النسخ: «للمسايلة». وفي (م): «للمسألة».
(٢) هذه الأنواع الخمسة وكلام المصنف عليها نقلها بنصها ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (٣٩٥) دون الإشارة إلى ابن القيم.
(٣) «جنينًا» ساقط من (ب، ط، ج).
(٤) «به» ساقط من (ن).
(٥) (ن): «النقل»، تحريف.