للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الفخر بالنعم، فهو أن يستطيل بها على الناس، ويُريهم أنه أعزُّ منهم وأكبر، فيركبُ أعناقهم، ويستعبدُ قلوبهم ويستميلُها إليه بالتعظيم والخدمة. قال النعمان بن بشير: إنَّ للشيطان مصاليَ (١) وفخوخًا. وإنَّ من مصاليه وفخوخهِ البطشَ بنعم الله، والكبرَ على عباد الله، والفخرَ بعطيَّةِ الله، والهونَ (٢) في غير ذات الله (٣).

فصل

والفرق بين فرح القلب وفرح النفس ظاهر، فإنَّ الفرح بالله ومعرفته ومحبته وكلامه من القلب. قال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [الرعد: ٣٦]. فإذا كان أهل الكتاب يفرحون بالوحي، فأولياء الله وأتباعُ رسوله أحقُّ بالفرح به.

وقال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: ١٢٤].

وقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨].


(١) جمع مِصْلاة. قال أبو عبيد في غريب الحديث (٣/ ٣٩٦): هي شبيه بالشرَك ينصب للطير وغيرها.
(٢) كذا في جميع النسخ. وفي مصادر التخريج: «واتباع الهوى».
(٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٥٥٣)، والخرائطي في اعتلال القلوب (٦٩). وانظر: السلسلة الضعيفة (٢٤٦٣).