في كتابه "جمع الشتيت": "وهو كما تراه في غاية الضعف فإنه يقال له أولًا: لا تشكُّ أنت ولا تنكر أن أعظم الأئمة اتباعًا واقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم أصحابه، ونعلم يقينًا أنه لم يأت عنهم حرف واحد أنهم لقنوا أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليًّا رضي الله عنهم، ولا أن أحدًا من هؤلاء الخلفاء لقن ميتًا بعد دفنه، بل ولا يمكن والله أن يأتي برواية عن أحد من الصحابة أنه قام على قبر غيره وقال: يا فلان بن فلانة، ولا قام أحد على قبر صحابي يناديه. فكيف يقول ابن القيم مع إمامته إنه اتصل العمل به في سائر الأمصار والأعصار؟ ثم يقال له ثانيًا: هذا الإمام أحمد يقول: ما رأى أحدًا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة، فكيف يقول:" سائر الأمصار والأعصار"، وأحمد يخبر أنه لم يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة؟ وكم من أعصار قبله خلت من وفاته - صلى الله عليه وسلم -. وأما الأمصار فلم تكن انحصرت في الشام".
وقد علق الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله في نسخته من كتاب الروح تعليقًا طويلًا على أمر الاستحسان والعمل في سائر الأمصار، وقد نقلناه منه في موضعه.
٣) قراءة القرآن وإهداؤها للميت (ص ٤١٦ - ٤١٨).
وهي جزء من المسألة السادسة عشرة من مسائل الكتاب في انتفاع الموتى بسعي الأحياء، أجاب عنها ابن القيم بجواب طويل مستفيض ذكر فيه أولًا: أن أهل السنة مجمعون على الانتفاع بأمرين، أحدهما: ما تسبب إليه الميت، والثاني: الدعاء والاستغفار له والصدقة والحج عنه. وإنما الخلاف في العبادات البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر. ثم ساق أدلة