للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيطان ومن الأمَّارة لله. فلو وصل منها عملٌ واحدٌ كما ينبغي لنجا به العبد، ولكن أبت الأمَّارةُ والشيطانُ أن يدَعا لها عملًا واحدًا (١) يصل إلى الله. كما قال بعض العارفين بالله وبنفسه: والله لو أعلم أنَّ لي عملًا واحدًا (٢) وصلَ إلى الله لكنتُ أفرحَ بالموت من الغائبِ يقدَمُ على أهله (٣).

وقال عبد الله بن عمر: لو أعلم أن الله تقبَّلَ مني سجدة واحدة لم يكن غائبٌ أحبَّ إليَّ من الموت، {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] (٤).

فصل

وقد انتصبت الأمَّارة في مقابلة المطمئنة، فكلُّ ما جاءت به تلك من خيرٍ ضاهتها هذه وجاءت من الشرِّ بما يقابله حتى تفسدَه عليها. فإذا جاءت بالإيمان والتوحيد جاءت هذه بما يقدحُ في الإيمان من الشك والنفاق، وما يقدح في التوحيد من الشرك ومحبةِ غير الله وخوفهِ ورجائه. ولا ترضى حتى تقدِّم محبةَ غيره وخوفَه ورجاءَه على محبته سبحانه وخوفه ورجائه، فيكون ما له (٥) عندها هو المؤخَّر، وما للخلق هو المقدَّم، وهذا حال أكثرِ هذا الخلق.

وإذا جاءت تلك بتجريد المتابعة للرسول، جاءت هذه بتحكيم آراء الرجال وأقوالهم على الوحي، وأتت من الشُّبهِ المضِلَّة بما يمنعها من كمال


(١) (ن، ز): «صالحًا».
(٢) «واحدًا» لم يرد في الأصل. وفي (ن): «صالحًا واحدًا».
(٣) لم أجده.
(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٣١/ ١٤٦).
(٥) (ب، ج): «ما لله».