للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نذمُّه (١).

وقد يطلق اسم الحسد على المنافسة المحمودة، كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناءَ الليل وأطرافَ النهار. ورجل آتاه الله مالًا، فسلَّطه على هَلَكتِه في الحقِّ» (٢). فهذا حسدُ منافسة وغبطة يدل على علوِّ همة صاحبه، وكبرِ نفسِه، وطلِبها للتشبُّه بأهل الفضل.

فصل

والفرق بين حبِّ الرياسة، وحبِّ الإمامة (٣) للدعوة إلى الله، هو الفرق بين تعظيم أمرِ الله والنصحِ له، وتعظيم النفس والسعي في حظها.

فإنَّ الناصحَ لله المعظِّمَ له المحبَّ له يحِبُّ أن يطاع ربُّه فلا يُعصَى، وأن تكون كلمتُه (٤) العليا، وأن يكونَ الدين كلُّه لله، وأن يكون العبادُ ممتثلين أوامرَه مجتنبين نواهيَه. فقد (٥) ناصحَ اللهَ في عبوديته، وناصحَ خلقَه في الدعوة إلى الله، فهو يحبُّ الإمامة في الدِّين (٦)، بل يسأل ربه أن يجعله للمتقين إمامًا يقتدي به المتقون، كما اقتدى هو بالمتقين. فإذا أحبَّ هذا


(١) ما عدا (أ، ق، غ): «لا يذم».
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في (ق، ن): «الأمانة». وفي النسخ المطبوعة: «الإمارة». وكلاهما تحريف.
(٤) زاد الناشرون بعدها: «هي».
(٥) كذا في جميع النسخ. ولا يبعد أن يكون صوابه: «فهو»، ويكون «ناصح» اسمًا مرفوعًا مضافًا إلى لفظ الجلالة.
(٦) في (ق، ن): «الأمانة» كالسابق. وفي (ب، ج): «الإمامة في الهدى».