للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وأما الدعاءُ، فهو سؤالٌ ورغبة إلى الله أن يتفضَّل على الميت (١)، ويسامَحه، ويعفوَ عنه. وهذا غيرُ إهداء ثواب عمل الحي إليه.

قال المقتَصِرون على وصول العبادات التي يدخلها (٢) النيابة كالصدقة والحج: العبادات نوعان: نوع لا يدخله النيابة بحال كالإسلام، والصلاة، وقراءة القرآن، والصيام. فهذا النوع يختص ثوابه بفاعله، لا يتعدَّاه، ولا يُنقل عنه؛ كما أنه في الحياة لا يفعله أحدٌ عن أحد، ولا ينوب فيه عن فاعله غيرُه.

ونوعٌ يدخله النيابة كردِّ الودائع، وأداء الديون، وإخراج الصدقة، والحجِّ. فهذا يصل ثوابه إلى الميت؛ لأنه يقبل النيابة، ويفعلُه العبد عن غيره في حياته، فبعد موته بطريق الأولى والأحرى.

قالوا: وأما حديث «من مات وعليه صيام صامَ عنه وليُّه». فجوابه من وجوه:

أحدها: ما قاله مالكٌ (٣) في موطئه. قال: لا يصومُ أحد عن أحد. قال: وهو أمر مجتمَع (٤) عليه عندنا، لا خلافَ فيه (٥).

الثاني: أنَّ ابن عبَّاس هو الذي روى حديثَ الصوم عن الميت. وقد روى عنه النَّسائي: أبنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا يزيد بن زُريع، ثنا حجَّاج


(١) في الأصل: «عن الميت» تحريف.
(٢) (ب، ط، ق): «تدخلها». وكذا فيما بعد: «تدخله».
(٣) (ق): «الإمام مالك».
(٤) ما عدا (أ، ق، غ): «مجمَع». والمثبت موافق لما في الاستذكار.
(٥) كذا في الاستذكار (٣/ ٣٣٩) ولم أجده بهذا اللفظ في الموطأ، ولكن انظر نحوه في رواية أبي مصعب (١/ ٣٢٢) والقعنبي (٣٤٢).