للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا: لو ساغ ذلك لساغ إهداؤه بعد أن يعمله لنفسه. وقد قلتم: إنه لابدَّ أن ينويَ حالَ الفعل إهداءه (١) إلى الميت وإلّا لم يصل إليه، فإذا ساغ له نقلُ الثواب، فأيُّ فرق بين أن ينويَ قبل الفعل أو بعده؟

وأيضًا: لو ساغ الإهداءُ لساغ إهداءُ [٧٩ أ] ثواب (٢) الواجبات على الحيِّ، كما يسوغ إهداءُ ثواب التطوُّعات التي يتطوَّع بها.

قالوا: وإنَّ التكاليف امتحانٌ وابتلاء، لا تقبل البدل، فإنَّ المقصود منها عينُ المكلَّف العامل المأمور المنهيِّ، فلا يبدَّل المكلَّفُ الممتحَنُ بغيره. ولا ينوب غيره عنه (٣) في ذلك، إذ المقصود طاعتُه هو نفسه وعبوديته. ولو كان ينتفع بإهداء غيره له من غير عمل منه (٤) لكان أكرمُ الأكرمين أولى بذلك، وقد حكم سبحانه أنه لا ينتفعُ إلا بسعيه. وهذه سنَّتُه تعالى في خلقه وقضائه، كما هي سنته في أمره وشرعه. فإن المريض لا ينوب عنه غيرُه في شرب الدواء، والجائع والظمآن والعاري لا ينوب عنه غيرُه في الأكل والشرب واللباس. قالوا: ولو نفعه عملُ غيره لنفعه توبتُه عنه (٥).

قالوا: ولهذا لا يقبل الله إسلام أحد عن أحد، ولا صلاتَه عن صلاته (٦). فإذا كان رأسُ العبادات لا يصحُّ إهداء ثوابه، فكيف فروعها؟


(١) في (أ، ق): «إهداؤه» بالواو، فيكون «يُنوى» مبنيًا للمجهول.
(٢) زاد بعده في (ط): «هذه».
(٣) (ط): «عنه غيره».
(٤) (أ، ق، غ): «سنّة». وفي (ن): «عمله».
(٥) «وأيضًا لو ساغ الإهداء لساغ ... توبته عنه» ساقط من (ب، ج).
(٦) ما عدا (أ، ق، غ): «ولا صلاته عنه».