للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحصر (١) معنى.

قالوا: والإهداء حَوالة، والحوالة إنما تكون بحقٍّ لازم. والأعمالُ لا توجب الثوابَ، وإنما هو مجرَّد تفضُّل الله وإحسانه. فكيف يحيلُ العبد على مجرَّد الفضل الذي لا يجب على الله، بل إن شاء آتاه، وإن شاء لم يؤتِه. وهو نظير حَوالة الفقير على مَن يرجو أن يتصدَّق عليه، ومثل هذا لا يصح إهداؤه وهِبته، كصلةٍ تُرجى من ملِك لا يتحقَّق حصولها.

قالوا: وأيضًا فالإيثار (٢) بأسباب الثواب مكروهٌ، وهو الإيثار بالقُرَب، فكيف الإيثار بنفس الثواب الذي هو غاية! فإذا كُرِه الإيثار بالوسيلة، فالغايةُ أولى وأحرى.

ولذلك كره الإمام أحمد التأخُّرَ عن الصفِّ الأوَّل، وإيثارَ الغير به، لِمَا فيه من الرغبة عن سبب الثواب. قال (٣) أحمد في رواية حنبل، وقد سُئل عن الرجل يتأخَّرُ عن الصفِّ الأوَّل، ويقدِّمُ أباه في موضعه (٤). قال: ما يعجبني، هو يقدرُ أن يبَرَّ أباه بغير هذا (٥).

قالوا: وأيضًا: لو ساغ الإهداء إلى الميِّت لساغ نقلُ الثواب والإهداءُ إلى الحي. وأيضًا لو ساغ ذلك لساغ إهداءُ نصفِ الثواب ورُبعِه وقيراطٍ منه.


(١) (ب): «للخير»، تحريف.
(٢) (ب، ط): «فالإيراث»، تحريف.
(٣) (ق): «قال الإمام».
(٤) «في موضعه» ساقط من (ن).
(٥) ذكره الشيخ مجد الدين في المحرر (١/ ٢١١) من مسائل أبي الفرج بن الصباح البُرزاطي.