للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

الأمر الخامس (١): أنَّ النار التي في القبر والخُضْرة (٢) ليست (٣) من نار الدنيا ولا من (٤) زرع الدنيا، فيشاهدَه مَن شاهد نار الدنيا وخُضرَتها. وإنما هي (٥) من نار الآخرة وخضرتها، وهي (٦) أشدُّ من نار الدنيا. ولا يحسُّ به أهل الدنيا، فإن الله سبحانه يُحْمي عليه ذلك الترابَ والحجارة التي عليه وتحته حتى يكون أعظمَ حرًّا من جمر الدنيا. ولو مسَّها أهل الدنيا لم يحسُّوا بذلك.

بل أعجبُ من هذا أنَّ الرجلين يُدفنان، أحدُهما إلى جنب الآخر، وهذا في حفرة من حُفَر النار، لا يصل حرُّها إلى جاره. وذلك في روضة من رياض الجنة، لا يصل رَوْحُها ونعيمُها إلى جاره.

وقدرة الربِّ تعالى أوسع وأعجب من ذلك. وقد أرانا من آيات قدرته في هذه الدار ما هو أعجبُ من ذلك بكثير، ولكنَّ النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تُحِط به علمًا، إلا من وفَّقه الله وعصمه. فيفرَش للكافر لوحان من نار، يشتعل عليه قبرُه بهما كما يشتعل التنور. فإذا شاء الله سبحانه أن يُطلِع على ذلك بعضَ عَبيده (٧) أطلعه، وغيَّبه عن غيره؛ إذ لو اطَّلع عليه العباد


(١) لخَّصه شارح الطحاوية (٣٩٦) دون إشارة إلى المصنف.
(٢) في (ب، ج) هنا وفيما يلي: «خَضِر» مكان «الخضرة».
(٣) (ب، ط): «ليس».
(٤) هنا وقع خرم كبير في (ز) امتدَّ إلى المسألة التاسعة عشرة.
(٥) (ب، ط، ج): «هو».
(٦) (أ، ب، ط، ج): «هو».
(٧) (ب، ط، ن، ج): «عباده».