للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

والطمأنينةُ إلى أسماء الربِّ تعالى وصفاته نوعان: طمأنينةٌ إلى الإيمانِ بها وإثباتِها واعتقادِها، وطمأنينةٌ إلى ما تقتضيه وتُوجِبه من آثار العبودية.

مثاله: الطمأنينةُ إلى القَدَر. فإثباتُه (١) والإيمانُ به يقتضي الطمأنينةَ إلى مواضع الأقدار التي لم يؤمر العبد بدفعها، ولا قدرَة له على دفعها. فيسلِّم لها، ويرضَى بها، ولا يتسخَّط ولا يشكو، ولا يضطرب إيمانه. فلا يأسَى (٢) على ما فاته، ولا يفرح بما أتاه؛ لأنَّ المصيبة [١٤٥ ب] فيه مقدَّرة قبل أن تصل إليه، وقبل أن يُخلَق، كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: ٢٢، ٢٣].

وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١]. قال غير واحد من السلف: هو العبد تصيبه المصيبة، فيعلمُ أنها من عند الله، فيرضى، ويسلِّم (٣).


(١) رسمها في الأصل يحتمل الفاء والواو. وفي غيره: «والإثبات». وضبط في بعض النسخ بكسر التاء. والتصحيف بين الواو والفاء في هذه النسخ كثير جدًّا.
(٢) (ط): «ولا يأسى».
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٣/ ١٢) عن علقمة بن قيس. وانظر: الدر المنثور (١٤/ ٥١٤).