للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمن حقًّا باليوم الآخر، كما في حديث حارثة: أصبحتُ مؤمنًا حقًّا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل حقٍّ حقيقةً فما حقيقةُ إيمانك؟» قال: عَزَفتْ نفسي عن الدنيا وأهلها، وكأني أنظر إلى عرش ربِّي بارزًا، وإلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وإلى أهل النار يعذَّبون فيها. فقال: «عبدٌ نوَّر الله قلبَه» (١).


(١) أخرجه البزار في مسنده (٦٩٤٨)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٥٨٩) من طريق يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي رجلًا يقال له حارثة في بعض سكك المدينة، فقال: «كيف أصبحت يا حارثة؟» قال: أصبحتُ مؤمنًا حقًّا، قال (فذكره بنحوه). وهو عند البيهقي في سياق أطول وسماه: حارثة بن النعمان. قال الحافظ في «الإصابة» ترجمة (الحارث بن مالك الأنصاري) (٢/ ٣٩٤): «وهو ضعيف جدًّا» ونقل عن البيهقي قوله: «هذا منكر، وقد خبط فيه يوسف، فقال مرة: الحارث، وقال مرة: حارثة».
ومن هذا الوجه أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٤٥٥) في ترجمة (يوسف بن عطية) ونقل عن البخاري قوله فيه: «منكر الحديث» وعن ابن معين قوله: «ليس بشيء». وقال عقب الحديث: «ليس لهذا الحديث إسناد يثبت» اهـ.

وروي بأسانيد مرسلة ومعضلة أورد بعضها الحافظ في الإصابة، وجاء موصولًا من طريق آخر أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣٣٦٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٥٩٢) من طريق ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد السكسكي، عن سعيد بن أبي هلال، عن محمد ابن أبي الجهم، عن الحارث بن مالك الأنصاري، أنه مرَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: «كيف أصبحت يا حارث؟» الحديث.
قال الهيثمي في المجمع (١/ ٥٧): «وفيه ابن لهيعة، وفيه من يحتاج إلى الكشف عنه». لعله يعني محمد ابن أبي الجهم وقد ذُكر في الصحابة على سبيل الخطأ؛ كما نبّه على ذلك الحافظ ابن حجر حيث ترجمه في القسم الرابع من الإصابة (٨٥٤٦) فقال: «محمد بن أبي الجهم، ذكره محمد بن عثمان بن أبي شيبة في المقلين من الصحابة، وأورده أبو نعيم وقال: لا أُراه صحيحًا. قلت: بل هو من أتباع التابعين روى حديثًا فأرسله فغلِط بعضُ رواته في لفظ منه». ثم فرَّق بينه وبين محمد ابن أبي الجهم بن حذيفة العدوي المترجم في الجرح والتعديل (٧/ ٢٢٤) وغيره. وعليه فيكون مجهولًا. وقد ضعَّف الحديثين الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار (٣٩٩١). (قالمي).