الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن كتاب الروح للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله من الكتب النادرة في بابه. وقد وصلت إلينا كتب في النفس لابن سينا (ت ٤٢٨) وابن باجَّه الأندلسي (ت ٥٣٣) وفخر الدين الرازي (ت ٦٠٦) وقطعة من كتاب أبي البركات البغدادي (ت ٥٦٠)، ولكن كتاب ابن القيم هذا ينتمي إلى فئة أخرى من الكتب، وهي مصنفات محمد بن نصر المروزي (ت ٢٩٤) وأبي يعقوب النهرجُوري (ت ٣٠٣) وأبي إسحاق ابن شاقْلا (ت ٣٦٩) وأبي عبد الله ابن منده (ت ٣٩٥) والقاضي أبي يعلى (ت ٤٥٨). ولاسيّما كتاب الحافظ ابن منده "النفس والروح" الذي هو من أهم موارد كتاب الروح، وكان كتابًا كبيرًا.
وكل هذه المصنفات لا علم لنا الآن بوجودها في خزائن الكتب، بل لابن القيم نفسه كتاب آخر كبير ألَّفه قبل كتاب الروح هذا، وسمَّاه "الروح والنفس"، وأحال عليه في هذا الكتاب وغيره، ولكن لم نقف عليه، ولا ندري أضاع فيما ضاع من نفائس تراث ابن القيم أم لا يزال مخبوءًا في زاوية من الزوايا منتظرًا من يفتش عنه ويظهره للناس؟ فكتاب الروح لابن القيم هو الكتاب الوحيد بين أيدينا اليوم من الكتب المصنفة في هذا الباب على منهج السلف.