للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب إلى القول بموجب هذا الحديثِ جميعُ أهل السنَّة والحديث من سائر الطوائف.

وقال أبو محمد بن حزم في كتاب «الملل والنحل» له (١): وأما من ظنَّ أن الميتَ يحيا في قبره قبل يوم القيامة، فخطأ؛ لأنّ (٢) الآيات التي ذكرنا تمنع من ذلك. يعني قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١]، وقوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة: ٢٨].

قال: ولو كان الميتُ يَحيا في قبره لكان تعالى قد أماتنا ثلاثًا وأحيانا ثلاثًا. وهذا باطلٌ، وخلافُ القرآن، إلا من أحياه اللهُ تعالى آيةً لنبيٍّ من الأنبياء و (٣) {الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: ٢٤٣]، والذي {مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: ٢٥٩]، ومن خصَّه نصٌّ.

وكذلك قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: ٤٢] فصحَّ بنصِّ القرآن أن أرواحَ سائر من ذكرنا لا ترجع إلى جسده


(١) الفصل في الملل والنحل (٤/ ٥٦ ــ ٥٧). وهنا زيادات لم ترد في المطبوع منه.
(٢) (م): «إذ». (أ، غ): «إن).
(٣) كذا بواو العطف في جميع النسخ والملل والنحل (طبعة الخانجي) معطوفًا على «من أحياه». وقد حذفوها في بعض طبعات الملل. وفي المحلى (١/ ٢٢): «كمن أحياه عيسى عليه السلام وكل من جاء فيه بذلك نصّ».