للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمسلمين، وقالوا: نلقى الله بالفقر والإفلاس المجرَّد (١)! والشريعة لا تمنع من ذلك، فالأجرُ ملكُ العامل (٢) فإن شاء أن يجعلَه لغيره، فلا حجرَ عليه في ذلك. والله أعلم.

فصل

وأما قولكم: إنَّ التكاليفَ امتحان وابتلاء، لا تقبل (٣) البدلَ؛ إذ المقصود منها عينُ المكلَّف العامل إلى آخره.

فالجوابُ عنه: أنَّ ذلك لا يمنع إذنَ الشارع للمسلم أن ينفع أخاه بشيء من عمله. بل هذا من تمام إحسان الربِّ ورحمته لعباده، ومن كمال هذه الشريعة التي شرعها لهم، التي مبناها على العدل، والإحسان، والتعاون (٤). والربُّ تعالى أقام ملائكتَه وحَمَلة عرشه يدعون لعباده المؤمنين، ويستغفرون لهم، ويسألونه لهم (٥) أن يَقيهم السيئاتِ. وأمر خاتمَ رسله (٦)


(١) ذكر المصنف رحمه الله في مدارج السالكين أن من له بصيرة بنفسه وبصيرة بحقوق الله لم يُبقِ له نظرُه في سيئاته حسنةً البتة، فلا يلقى الله إلا بالإفلاس المحض والفقر الصرف؛ لأنه إذا فتش عن عيوب نفسه وعيوب عمله علم أنها لا تصلح لله (١/ ٢٢١). وهذا لا غبار عليه. أما ما نقله هنا عن جماعة ــ والظاهر أنهم من المتصوفة ــ من التخلِّي عن أعمالهم بإهدائها إلى المسلمين ليلقوا الله بالإفلاس، فأمر غريب، وتأييد المؤلف لهم أغرب.
(٢) (ن): «للعامل». (ب، ط، ج): «الفاعل».
(٣) (ب، ط، ج): «لا يقبل». والمثبت من (ق، غ).
(٤) (ق): «التعارف»، تصحيف.
(٥) ساقط من (ن).
(٦) (أ، غ): «خاتم الرسل».