للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يستغفرَ للمؤمنين والمؤمنات، ويقيمُه يوم القيامة مقامًا محمودًا يشفعُ (١) في العُصاة من أتباعه وأهل سُنَّته (٢). وقد أمره تعالى أن يصلِّي على أصحابه [٨٥ ب] في حياتهم وبعد مماتهم. وكان يقوم على قبورهم، فيدعو لهم.

وقد استقرَّت الشريعة على أنَّ المأثم (٣) الذي على الجميع بترك فروض الكفايات يسقط إذا فعله مَن يحصل المقصودُ بفعله، ولو واحد. وأسقط سبحانه الارتهانَ وحرارةَ الجلود (٤) في القبر بضمان الحيِّ دَيْنَ الميت وأدائه عنه، وإن كان ذلك الوجوبُ امتحانًا في حق المكلَّف (٥). وأَذِن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الحجِّ والصيام عن الميِّت، وإن كان الوجوبُ امتحانًا في حقِّه. وأسقط عن المأموم سجودَ السهو بصحة صلاة الإمام وخلوِّها من السهو، وقراءةَ الفاتحة بتحمُّل الإمام لها. فهو يتحمَّل عن المأموم سهوَه وقراءته وسترته، فقراءةُ الإمام وسترتُه قراءةٌ لمن خلفَه وسترةٌ له.

وهل (٦) الإحسان إلى المكلَّف بإهداء الثواب إليه إلا تأسٍّ (٧) بإحسان الربِّ تعالى؟ والله يحبُّ المحسنين. «والخلقُ عيالُ الله، فأحبُّهم إليه أنفعُهم لعياله» (٨). وإذا كان سبحانه يحبُّ من ينفع عيالَه بشَربْة ماء، ومَذْقة لبن،


(١) في النسخ المطبوعة: «ليشفع» خلافًا لجميع النسخ التي بين يدي.
(٢) يشير إلى حديث الشفاعة. أخرجه البخاري (٧٤٤٠) ومسلم (٣٢٦) عن أنس.
(٣) (ب، ط، ج): «الإثم».
(٤) (ق، ب، ط): «الخلود»، تصحيف. وبعده في (ن): «في القبور».
(٥) انظر الحديث المذكور في فصل وصول ثواب الحج إلى الميت.
(٦) (ب، ط، ج): «فهل».
(٧) ج: «يأتي»، تصحيف. وقد سقطت «إلا» من (ب، ط).
(٨) أخرجه البزار (٦٩٤٧)، وأبو يعلى (٣٣١٥، ٣٤٧٨) من طريق يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس، مرفوعًا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ١٩١): «وفيه يوسف بن عطية الصفار، وهو متروك». وقال الحافظ في المطالب العالية (٩٧٧): «تفرد به يوسف وهو ضعيف جدًّا». وانظر: السلسلة الضعيفة (١٩٠٠). (قالمي).