للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى نبغَت نابغةٌ ممن قَصَر فهمه في الكتاب والسُّنَّة، فزعم أنها قديمة غير مخلوقة. واحتجَّ على ذلك (١) بأنها من أمر الله، وأمرُه (٢) غير مخلوق، وبأن الله تعالى أضافها إليه كما أضاف إليه علِمه وكتابه (٣) وقدرته وسمعه وبصره ويدَه. وتوقَّف آخرون، وقالوا: لا نقول: مخلوقة ولا غير مخلوقة (٤).

وسُئل عن ذلك حافظُ أصبهان أبو عبد الله بن منده، فقال (٥): أما بعد، فإنَّ سائلاً سألني عن الروح التي جعَلها الله سبحانه قِوامَ أنفُسِ (٦) الخلق وأبدانهم، وذكَر أنَّ أقوامًا تكلَّموا في الروح، وزعموا أنها غير مخلوقة، وخصَّ بعضهم منها أرواحَ القدس، وأنها من ذات الله.

قال: وأنا أذكر اختلاف أقاويل متقدِّميهم، وأبيِّن ما يخالف أقاويلهم من الكتاب والأثر وأقاويل الصحابة والتابعين وأهل العلم. وأذكر بعد ذلك وجوهَ الروح من الكتاب والأثر، وأوضِّح به (٧) خطأ المتكلِّم في الروح بغير علم، وأنَّ كلامهم يوافق قولَ جهم (٨) وأصحابه. فنقول وبالله التوفيق:

إنَّ الناس اختلفوا في معرفة الأرواح ومحلِّها من النفس، فقال بعضهم:


(١) «على ذلك» من (أ، غ) فقط.
(٢) (ط): «أمر الله».
(٣) (ب، ج): «حياته».
(٤) «وتوقف ... مخلوقة» ساقط من (ط). و «لا غير مخلوقة» ساقط من (ب).
(٥) (أ، غ): «قال». والظاهر أن النقل من مقدمة كتاب الروح والنفس لابن منده.
(٦) (ب، ج، ن): «نفس».
(٧) «به» ساقط من (ط).
(٨) في (ن) زيادة: «بن صفوان».