للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الأقوال كلها حقٌّ، ولا تنافي بينها، فإن النفس موصوفة بهذا كلِّه، وباعتباره سميت لوَّامةً، ولكن اللوَّامة نوعان:

لوَّامةٌ مَلُومة: وهي النفس الجاهلة الظالمة التي يلومها الله وملائكته.

ولوَّامة غيرُ ملومة: وهي التي لا تزال تلومُ صاحبَها على تقصيره في طاعة الله مع بذله جهده، فهذه غيرُ ملومة.

وأشرف النفوس مَن لامت نفسَها في طاعة الله، واحتملت ملامَ اللائمين في مرضاته، فلا تأخذها فيه لومة لائم، فهذه قد تخلَّصت من لَومِ الله لها. وأما من رضيت بأعمالها، ولم [١٤٨ ب] تلم نفسها عليها (١)، ولم تحتمِل في الله ملام اللُّوَّام، فهي التي يلومها الله عزَّ وجلَّ.

فصل

وأما النفس الأمارة، فهي (٢) المذمومة، فإنها التي تأمر بكلِّ سوء. وهذا من طبيعتها إلا ما وفَّقها الله، وثبَّتها، وأعانها. فما تخلَّص أحد من شرِّ نفسه إلا بتوفيق الله له (٣)، كما قال تعالى حاكيًا عن امرأة العزيز (٤): {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: ٥٣]. وقال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النور:٢١].


(١) «عليها» لم ترد في (أ، ق، غ).
(٢) (ب، ج): «وهي».
(٣) «له» لم ترد في (أ، غ).
(٤) حكاه الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٤٨) ونصره شيخ الإسلام. انظر: مجموع الفتاوى (١٥/ ١٣٨)، (١٠/ ٢٩٨).