للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتطيع وتعصي، وتتَّقي (١) وتفجر، إلى أضعاف أضعاف ذلك من حالاتها وتلوُّنها، فهي تتلون كلَّ وقت ألوانًا كثيرة. فهذا قول.

وقالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم. ثم اختلفوا، فقالت فرقة: هي نفس المؤمن، وهذا من صفاتها المحمودة (٢). قال الحسن البصري: إن (٣) المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسَه دائمًا. يقول: ما أردتُ بهذا؟ لمَ فعلتُ هذا؟ كان غيرُ هذا أولى، ونحوَ هذا من الكلام (٤).

وقال غيره: هي نفس المؤمن توقِعُه في الذنب، ثم تلومه عليه، فهذا اللوم من الإيمان، بخلاف الشقيِّ فإنه لا يلوم نفسَه على ذنب، بل يلومها، وتلومه على فواته.

وقالت طائفة: بل هذا اللوم للنوعين، فإن كلَّ أحد يلوم نفسه، برًّا كان أو فاجرًا. فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية الله وتركِ طاعته، والشقيُّ لا يلومها إلا على فوات حظِّها وهواها.

وقالت فرقة أخرى: هذا اللومُ يومَ القيامة، فإنَّ كلَّ أحد يلوم نفسه: إن كان مسيئًا، على إساءته، وإن كان محسنًا على تقصيره (٥).


(١) (ب، ج، ن): «تبغي»، تصحيف.
(٢) في الأصل: «المجردة». وكذا في (ق، غ)، وهو تحريف.
(٣) (ز): «إنه».
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور (١٥/ ٩٧) إلى عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس (٤) وقد حكاه المصنف هنا بالمعنى.
(٥) ما عدا (أ، ق، غ): «فعلى تقصيره».