المسائل التي احتوى عليها كتاب الروح ــ سواء أكانت رئيسة أم جلبها الاحتجاج أو الاستطراد ــ منها مسائل شريفة هي نفسها في غاية الأهمية لصلتها بالعقيدة أو تزكية النفس. وقد تكون أهميتها راجعة إلى المنهج الذي سلكه ابن القيم في تناولها من حيث الشمول والإحاطة وحشد المذاهب وأدلتها ثم الفصل بينها وترجيح الراجح منها في ضوء الكتاب والسنة.
ومن القسم الأول: المسائل المتعلقة بعذاب القبر. وهي عشر مسائل، ولا سيما المسألة السابعة في الرد على الملاحدة والزنادقة المنكرين لعذاب القبر وسعته وضيقه وقولهم: إنا نكشف القبر فلا نجد فيه ملائكة يعذبون الموتى بمطارق الحديد، ولا نجد هناك حيَّات ولا ثعابين ولا نيرانًا تأجَّجُ. ولو كشفنا حاله في حالة من الأحوال لوجدناه لم يتغير. ولو وضعنا على يمينه الزئبق وعلى صدره الخردل لوجدناه على حاله إلخ.
أشار السيوطي في أبيات التثبيت إلى هذا الاعتراض وجواب القاضي ابن العربي عنه وأن إمام الحرمين نحا نحوه في كتاب الإرشاد، وكذا الغزالي في الإحياء. قال:
وحجةُ الإسلام في الإحياء ... وكم إمامٍ راح ذا اكتفاء
يريد أن جماعة من الأئمة اكتفوا بجواب القاضي ابن العربي. كذا فسَّره الأمير الصنعاني ثم قال: "واعلم أنه قد بسط الجواب وزاد عليه ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح، ولا غناء عن استيفاء ما ذكره؛ فإن المسألة مهمة، والإيمان بها متعين. قال في بسط كلام ابن العربي وإن لم يتعرض لذكره