للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو جسم نُوراني عُلْوِيٌّ خفيف حيٌّ متحرك (١) ينفذ في جوهر الأعضاء، ويسري فيها سَرَيان الماء في الورد، وسريان الدُّهْن في الزيتون، والنارِ في الفحم. فما دامت هذه الأعضاء صالحةً لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكًا (٢) لهذه الأعضاء، وأفادَها هذه الآثارَ من الحسِّ والحركة الإرادية (٣). وإذا فسدتْ هذه الأعضاء (٤) بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار، فارق الروحُ البدنَ، وانفصل إلى عالم الأرواح».

وهذا القول هو الصواب في المسألة، وهو الذي لا يصحُّ غيره، وكلُّ الأقوال سواه باطلةٌ، وعليه دلَّ الكتاب والسُّنَّة وإجماع الصحابة وأدلة العقل والفطرة. ونحن نسوق الأدلة عليه على نسَق واحد:

الدليل الأول: قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: ٤٢].

ففي الآية ثلاثة أدلة: الإخبارُ بتوفِّيها، وإمساكها، وإرسالها.

الرابع: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ


(١) الأصل: «متحول».
(٢) (غ): «متشابكًا، ورسمها في الأصل محتمل لهذه القراءة. وفي (ب، ط، ج): «تشابها»، تصحيف.
(٣) (غ): «الحركة والإرادة».
(٤) «وأفادها ... الأعضاء» ساقط من الأصل.