للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: ٢٦]. يقال: نافستُ في الشيء منافسةً، ونِفاسًا، إذا رغبتَ فيه على وجه المباراة. ومن هذا قولهم: شيء نفيسٌ، أي: هو أهلٌ أن يُتنافَس فيه ويُرغَب فيه. وهذا أنفسُ مالي أي: أحَبُّه إليَّ. وأنفَسَني فلانٌ في كذا أي: أَرغَبني فيه (١). وهذا كلُّه ضدُّ الإيثار به والرغبة عنه.

فصل

وأما قولكم: لو ساغ الإهداء إلى الميِّت لساغ إلى الحيِّ؛ فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنّه قد ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم. قال القاضي: وكلامُ أحمد (٢) لا يقتضي التخصيصَ بالميِّت، فإنه قال (٣): «يفعل الخير ويجعل نِصفَه لأبيه وأمِّه»، ولم يفرِّق (٤).

واعترض عليه أبو الوفاء بن عَقيل وقال: هذا فيه بُعْد. وهو تلاعبٌ بالشرع، وتصرُّفٌ في أمانة (٥) الله، وإسجالٌ على الله سبحانه بثوابٍ على عمل ينقله (٦) إلى غيره. وبعد الموت قد جعل لنا طريقًا (٧) إلى إيصال


(١) انظر: الصحاح للجوهري (نفس ٩٨٥) وكأن المصنف صادر عنه.
(٢) (ق): «الإمام أحمد».
(٣) «قال» ساقط من (ن). وفي (ط) مكانها: «قد».
(٤) انظر: الفروع (٣/ ٤٣٠).
(٥) كذا في (ق، ن). وفي (أ، غ): «آيات». وفي (ب، ط): «إثابة». وأشير في حاشية (ط) إلى أن في نسخة: «أمانة».
(٦) (أ، ق، غ): «يفعله».
(٧) (ب، ط، ن، ج): «طريق».