للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الإنعام عليه. لا ينطلق لهم وجهُه، ولا يسعهم خلقُه. لا يرى لأحدٍ عليه حقًّا، ويرى حقوقَه على الناس، ولا يرى فضلَهم عليه، ويرى فضلَه عليهم. لا يزداد من الله إلَّا بُعدًا، ولا من الناس إلا صَغارًا وبغضًا.

فصل

والفرقُ بين الصِّيانة والتكبر: أن الصائنَ لنفسه بمنزلة رجل قد لبس ثوبًا جديدًا نقيَّ البياض ذا ثمن، فهو يدخل به على الملوك فمن دونَهم، فهو يصونه عن الوسَخ والغبار والطبوع (١) وأنواع الآثار إبقاءً على بياضه ونقائه. فتراه صاحب تقزُّز (٢) وهروب من المواضع التي يخشى منها عليه التلوث، فلا يسمح بأثر ولا طبع ولا لُواث (٣) يعلو ثوبَه (٤)، وإن أصابه شيء من ذلك على غِرَّة بادر إلى قلعه [١٥٥ ب] وإزالته ومحو أثره.

وهكذا الصائن لقلبه ودينه تراه يجتنب طبوعَ الذنوب وآثارها، فإنَّ لها في القلب طبوعًا وآثارًا أعظمَ من الطبوع (٥) الفاحشة في الثوب النقي


(١) جمع طبع، وهو اللطخة من المداد والوسخ ونحوه. انظر: تكملة المعاجم العربية (٧/ ١٧).
(٢) في جميع النسخ الخطية: «تعزز». وكذا في النسخ المطبوعة. وأراه تصحيفًا لما أثبت. ويحتمل «تحرز» ولكن رسمها في الأصل وغيره أقرب إلى الأول.
(٣) كذا في الأصل وغيره. وفي (ن، ز): «لَوث»، وكذا في النسخ المطبوعة. والذي في كتب اللغة بهذا المعنى: اللُّواثة. أما اللُّواث فهو دقيقٌ يذَرُّ على الخوان تحت العجين لئلا يلزَق به العجين. انظر: اللسان (لوث ٢/ ١٨٧).
(٤) (ب، ج): «يعلق به».
(٥) «الذنوب ... الطبوع» ساقط من الأصل.