للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: ٨٣ ــ ٨٥]. أي: أقرب إليه بملائكتنا ورُسُلنا، ولكنكم لا ترونهم. فهذا أول الأمر، وهو غير مرئيّ لنا (١) ولا مشاهَد، وهو في هذه الدار.

ثم يمُدُّ الملَكُ يدَه إلى الروح، فيقبضُها، ويخاطبها. والحاضرون لا يرونه، ولا يسمعونه. ثم تخرج، فيخرج لها نور مثلُ شعاع الشمس، ورائحةٌ أطيب من رائحة المسك. والحاضرون لا يرون ذلك، ولا يشَمُّونه. ثم تصعد بين سِماطَين من الملائكة، والحاضرون لا يرونهم. ثم تأتي الروح فتشاهِد (٢) غسلَ البدن وتكفينَه وحملَه، وتقول: قدِّموني، قدِّموني، أو إلى أين تذهبون بي؟ ولا يسمع (٣) الناس ذلك.

فإذا وُضِع في لحده، وسُوِّي عليه التراب؛ لم يحجب الترابُ الملائكة (٤) عن الوصول إليه. بل لو نُقِر له حجرٌ، فأودع فيه، وخُتِم عليه بالرصاص؛ لم يمنع وصولَ الملك (٥)، إليه. فإن هذه الأجسام الكثيفة لا تَمنَعُ خرق الأرواح لها. بل الجنُّ لا يمنعها ذلك. بل قد جعل الله سبحانه الحجارة والتراب للملائكة بمنزلة الهواء للطير. واتساعُ القبر وانفساحُه للروح بالذات، والبدنِ تَبَعًا، فيكون البدن في لحدٍ أضيقَ من ذراع، وقد فُسِح له مَدَّ بصره تبعًا لروحه.


(١) «لنا» ساقط من (ن).
(٢) (ب، ط، ن): «وتشاهد».
(٣) (ق): «فلا يسمع».
(٤) (ن): «الملائكة الترابُ».
(٥) (ط): «الملائكة».