للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى آدمَ ضَرْبًا طُوالاً كأنه من رجال شَنوءةَ (١)، ورأى عيسى يقطُر رأسُه كأنما خرج من دِيماس (٢)، ورأى إبراهيمَ فشبَّهه بنفسه (٣).

ونازعهم في ذلك آخرون، وقالوا: هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم، والأجسادُ في الأرض قطعًا، إنما تُبعَث يوم تُبعَث (٤) الأجساد. ولم تُبعثْ قبل ذلك، إذ لو بُعثت قبل ذلك لكانت قد انشقَّتْ عنها الأرض قبل يوم القيامة، وكانت تذوقُ الموتَ عند نفخة الصور. وهذه موتة ثالثة، وهذا باطل قطعًا.

ولو كانت قد بُعثت الأجسادُ من القبور لم يُعِدْهم الله إليها، بل كانت في الجنة. وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ الله حرَّم الجنَّةَ على الأنبياء حتى يدخُلَها هو (٥). وهو أولُ من يستفتح بابَ الجنة (٦)، وأولُ من تنشقُّ عنه الأرض، لم تنشقَّ عن أحد قبله (٧).

ومعلومٌ بالضرورة أن جسدَه - صلى الله عليه وسلم - في الأرض طريٌّ مُطَرًّى. وقد سأله


(١) انظر حديث ابن عباس في البخاري (٣٢٣٩) ومسلم (١٦٥)، وحديث أبي هريرة في البخاري (٣٣٩٤) وحديث جابر في مسلم (١٦٧). والضَّرْب: الخفيف اللحم.
(٢) يعني: الحمام. وجاء وصف عيسى بهذا في حديث أبي هريرة في صحيح البخاري (٣٣٩٤) وصحيح مسلم (١٦٨).
(٣) انظر الحديث السابق.
(٤) (ق): «بعث».
(٥) انظر حديث أنس في صحيح مسلم (١٩٧).
(٦) انظر حديث أنس في صحيح مسلم (١٩٦).
(٧) انظر حديث أبي سعيد في صحيح البخاري (٢٤١٢).