للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من تأثيرها في غيره.

قيل: هذا العشقُ الشديد يقتضي أن يكون تعلُّقُها بالبدن أكثر، وتصرفُها فيه أقوى (١)، فأما أن يتغير مقتضَى ذاتِها بالنسبة إلى هذه الأجسام فذلك مُحالٌ. وهذا دليل في غاية القوة.

الوجه الرابع عشر بعد المائة: أن العقلاءَ كلَّهم متفقون على أن الإنسان هو هذا الحيُّ الناطق المتغذِّي (٢) النامي الحساس المتحرك بالإرادة. وهذه الصفاتُ نوعان: صفاتٌ لِبدنه، وصفاتٌ لِروحه ونفسه الناطقة، فلو كانت الروح جوهرًا مجردًا، لا داخلَ العالم ولا خارجَه، ولا متصلةً به ولا منفصلة عنه= لكان الإنسان لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متَّصلًا به ولا منفصلًا عنه (٣)، أو كان بعضُه في العالم، وبعضُه لا خارج العالم ولا داخله. وكلُّ عاقلٍ يعلم بالضرورة بُطلان ذلك، وأن الإنسان بجملته داخل العالم، بدنَه وروحَه. وهذا في البطلان يضاهي قول من قال: إن نفسه قديمةٌ غيرُ مخلوقة، فجعلوا نصفَ الإنسان مخلوقًا، ونصفَه غيرَ مخلوق.

فإن قيل: نحن نسلِّم أن الإنسان كما ذكرتم إلا أنَّا نثبتُ جوهرًا يدبِّر (٤) الإنسانَ الموصوف بهذه الصفات.


(١) «من تأثيرها ... أقوى» ساقط من الأصل.
(٢) (ب، ط، ج): «المغتذي».
(٣) «لكان الإنسان ... عنه» ساقط من الأصل.
(٤) هذا في (ق) والنسخ المطبوعة. وفي (أ، غ): «ببدن». وفي (ب، ط): «بدن». ولعله تصحيف. وفي (ج): «في بدن». وفي (ن): «مجرّدًا للإنسان» فحذف الكلمة!