للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ النفس لا تقوى على التحريك إلا بشرطِ أن تماسَّ محلَّ الحركة أو تماسَّ ما يماسُّه، وكلُّ ما كان مماسًّا للجسم أو لما يماسُّه فهو جسم.

فإن قيل يجوز أن يكون تأثيرُ النفس في تحريك بدنها الخاصِّ غيرَ مشروط بالمماسَّة، وتأثيرُها في تحريك غيره موقوفٌ على حصول المماسَّة بين بدنها وبين ذلك الجسم.

فالجواب: أنه لمَّا كان [١٢٨ أ] قبولُ البدن لتصرفات النفس لا يتوقفُ على حصول المماسَّة بين النفس وبين البدن، وجبَ أن تكون الحالُ كذلك في غيره من الأجسام، لأن (١) الأجسام متساوية في قَبول الحركة. ونسبةُ النفس إلى جميعها سواءٌ، لأنها إذا كانت مجرَّدةً عن الحجمية وعلائقِ الحجمية كانت نسبةُ ذاتها إلى الكل بالسَّويَّة. ومتى كانت ذاتُ الفاعل نسبتُها إلى الكل بالسوية (٢)، والقوابلُ نسبتُها إلى ذلك الفاعل بالسوية= كان التأثير بالنسبة إلى الكلِّ على السواء. فإذا استغنى الفاعلُ عن مماسَّة محلِّ الفعل في حقِّ البعض وجبَ أن يستغني في حق الجميع، وإن افتقر إلى المماسَّة في البعض وجب افتقارُه في الجميع.

فإن قيل (٣): النفس عاشقةٌ لهذا البدن دون غيره، فكان تأثيرها فيه أقوى


(١) هنا أيضًا في الأصل: «أن». وكذا في (ق، غ). وفي (ط): «إذ». والمثبت من (ج). وهي ساقطة من (ب، ن).
(٢) «ومتى ... بالسوية» ساقط من الأصل. وجزء من هذه العبارة ساقط من (ن). وما بعدها «والقوابل ... الفاعل» ساقط من (غ). وقد وقع فيها تحريف في (ق، ط). وإنما ورد النص كاملاً وسليمًا في (ج).
(٣) (ق): «وإن».